أكد الشيخ الدكتور حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين ان سنة العراق رقم صعب لا يمكن تجاوزه في أية معادلة سياسية أو اجتماعية في العراق، كما أنهم ليسوا أقلية مثلما يزعم البعض.
وقال الشيخ الضاري في لقاء خاص اجرته معه (الحملة العالمية لمقاومة العدوان) ان سنة العراق - وعلى الرغم مما لحق بهم من أذى واضطهاد وإقصاء في كثير من مجالات الحياة على يد الاحتلال وحكوماته المتعاقبة، وخاصة حكومة المالكي ـ فإنهم أقوياء بصبرهم وثباتهم وتاريخهم وحجمهم في العراق.
وجدد الشيخ الضاري رؤيته بشأن الطريقة المناسبة والحل الناجع لخروج العراق من الوضع المأساوي الذي يعيشه منذ عام 2003 والتي اوجزها في أمرين هما: إما الذهاب إلى حكومة انتقالية، تشكل من الكفاءات العراقية المستقلة، تعمل على إيجاد عملية سياسية حقيقية، ووضع دستور يحقق مطالب العراقيين المشروعة بعيدًا عن التدخلات الخارجية والهيمنات الفئوية الداخلية، أو اللجوء إلى خيار الانتفاضة الشعبية العامة لتغيير الواقع المأساوي في هذا البلد، وإعادته إلى وضعه الطبيعي، كبلد حر مستقل يحقق لأبنائه الأمن والعدل والإنصاف والاستقرار.
واستعرض الامين العام للهيئة اللقاء التشاوري الذي عقده كبار علماء العراق مؤخرا حول الأوضاع الجارية في العراق وما تضمنه البيان الختامي من امور مهمة، بينها التأكيد على وجوب التمسك بسيادة العراق، والحفاظ على وحدته وعلى هويته العربية الإسلامية، وعلى أن يبقى لكل أبنائه بكل فئاتهم ومكوناتهم دون إقصاء أو تمييز لفئة على أخرى، كما حمّل العلماء، العملية السياسية الحالية ودستورها المسؤولية الكاملة عن كل ما جرى ويجري في العراق من مصائب وويلات ودمار، وغيرها من الممارسات الإجرامية واللاإنسانية، وطالبوا المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي بأن ينصفوا العراق ويولّوه شيئًا من الاهتمام.
وفي ما يأتي نص الحوار:
• موقع قاوم: فضيلة الشيخ، نحن نعرف توجهاتكم الجامعة وخطابكم العام لكل العراقيين ولكن يتساءل الكثير من الناس عن القضايا الحساسة التي تخص العراقيين ومن هذه الأسئلة:
السؤال الاول: هل السنة في العراق ضعفاء، وهل يمكن أن تلتهمهم إيران وحكومة المالكي؟
// الشيخ الضاري: على الرغم مما لحق بالسنة من أذى واضطهاد وإقصاء عن كثير من مجالات الحياة في العراق على يد الاحتلال وحكوماته المتعاقبة، ولاسيما حكومة المالكي الطائفية؛ فإنهم أقوياء بصبرهم وثباتهم وتاريخهم وحجمهم في العراق، وإنهم رقم صعب لا يمكن تجاوزه في أية معادلة سياسية، أو اجتماعية في العراق، فهم ليسوا أقلية، كما يزعم البعض.
السؤال الثاني: المظاهرات والاعتصامات المستمرة استهزأ بها المالكي قبل أيام، وعد مطالبها بانها غير شرعية وغير قانونية، وقال: (بينا وبينهم بحر من الدم)، برأيكم ماذا يعني المالكي بذلك التصريح؟
// الشيخ الضاري: من يتتبع أقوال المالكي وأفعاله ومواقفه حول المظاهرات والمتظاهرين يجد أنها توحي منذ البداية أنه لا يريد أن يستجيب لأي مطلب من مطالب المتظاهرين؛ مشروعًا كان أو غير مشروع - على حد زعمه - وذلك لتناقض أقواله في هذا المجال، ففي بداية الاعتصامات كان يقول: المطالب منها ما هو مشروع، ومنها ما هو غير مشروع، وسنستجيب للمشروع منها، وبعد ذلك اعتبرها كلها غير مشروعة، وفي خطاباته الأخيرة، ومنها خطابه في نقابة المعلمين، قبل أيام، الذي أكد فيه أن مطالب المتظاهرين كلها غير مشروعة؛ لأنهم يطالبون بإطلاق سراح المجرمين وبعودة حزب البعث، وعليهم أن لا يتعبوا أنفسهم؛ لأننا لا نستجيب لها، وأنهم يتكلمون على أكبر مكون في العراق، ويعني بذلك شركاء الوطن من الشيعة، الذين لا يمثلهم المالكي ولا يعترف غالبيتهم بتمثيله لهم.
وهو في هذه الأمور جميعًا يفتري على المتظاهرين والمعتصمين، إذ لم يطالبوا يومًا بعودة حزب البعث، كما لم يطالبوا بخروج المجرمين من السجون، وإنما طالبوا بخروج الأبرياء الذين اعتقلوا أو سجنوا، وحكمت عليهم محاكم المالكي ظلمًا بتهمة الإرهاب، وهم الذين يزيدون على أكثر من 95% من المعتقلين والسجناء اليوم في سجون حكومة المالكي، كما أنهم أيضًا لم يتكلموا بسوء على الشيعة، أو على غيرهم من مكونات العراق الأخرى من الأكراد والتركمان والمسيحيين والصابئة وغيرهم؛ لأن هذه المكونات لم تسء إليهم، ولم يسيؤوا إليها يومًا في كل تاريخهم، وإنما تكلموا على المالكي وحكومته وعصاباته الإجرامية في الأمن والجيش والميليشيات، التي يرعاها المالكي ويوجهها إلى قتل الناس وتهجيرهم على الهوية؛ وبذلك أثبت المالكي طائفيته، وأنه لا يريد للعراق والعراقيين خيرًا؛ إذ أصبح هو وأجهزته الأمنية معاول هدم وتخريب، وإثارة للفتن بين أبناء الشعب العراقي الواحد، وقوله:( بيننا وبينهم بحر من الدم)، يؤكد نواياه السيئة في هذا المجال.
السؤال الثالث: فضيلة الشيخ هل تعتقد أن الحرب الأهلية قادمة في العراق لا محالة؟ وهل العراق سائر نحو التقسيم؟
// الشيخ الضاري: لن تكون، بمشيئة الله تعالى، في العراق حرب أهلية؛ لأن غالبية العراقيين - من سنة وشيعة وغيرهم - قد اكتشفوا أهداف المالكي من وراء تصعيده الأمني ضد بعض المكونات العراقية المعروفة، وأهداف أسياده في تدمير النسيج الاجتماعي العراقي، وتمزيق أوصاله؛ ولكن قد تكون - وللأسف الشديد - فتنة سياسية مغطاة بشعارات طائفية، يدفع إليها اليوم -كما ذكرنا المالكي- بتصريحاته وأفعاله وإجراءاته الأمنية الإجرامية على مكون معروف، من أكبر مكونات الشعب العراقي.
وأما تقسيم العراق: فمن المعلوم أنه مشروع أعداء العراق في العراق، وهم معروفون، وهذا التصعيد الأمني من قبل المالكي وأجهزته الأمنية، وما يصاحبه من أفعال إجرامية، تتمثل في الاغتيالات والاعتقالات والتهجير القسري المكشوف قد يراد منه الوصول إلى تقسيم العراق، لا قدر الله.
السؤال الرابع: سمعنا عن لقاء تشاوري عقد في مقر إقامتكم لنخبة من كبار علماء العراق فهل من الممكن أن تعطونا فكرة عن أهم ما دار في هذا اللقاء؟
// الشيخ الضاري: عقد هذا اللقاء التشاوري من قبل نخبة من علماء العراق الذين لهم قبول عند الكثير من العراقيين؛ للتشاور حول الأوضاع الجارية في العراق اليوم، وضرورة ابداء الرأي فيها، وإظهار مواقفهم منها، ومن هذه الأمور سيادة العراق المفقودة، ووحدته المهددة، وهويته المغيبة، ومهزلة العملية السياسية والدستور، وقد أوصوا بوجوب التمسك بسيادة العراق، والحفاظ على وحدته وعلى هويته العربية الإسلامية، وعلى أن يبقى العراق لكل أبنائه بكل فئاتهم ومكوناتهم دون إقصاء، أو تمييز لفئة على أخرى من فئاته، كما هي الحال في العراق اليوم.
وصرحوا بأن العملية السياسية ودستورها هما المسؤولان عن كل ما جرى ويجري في العراق من مصائب وويلات وخراب ودمار، وأنهما لا يصلحان لخلاص العراق، وإصلاح الأوضاع فيه، ونقله إلى بر الأمان والاستقرار والعدل والرخاء، كما تعرضوا فيه الى مسلسل الأحداث الخطيرة التي تعصف بالعراق والعراقيين، وتهدد أمنهم واستقرارهم، ومستقبل حياتهم وحياة أجيالهم، ومن هذه الأحداث: الاغتيالات، والاعتقالات، والإعدامات المستمرة، والتهجير الممنهج، والتفجيرات المتصاعدة وغيرها من الأعمال والممارسات الإجرامية واللاإنسانية، وأدانوا هذه الأعمال الخطيرة، وأوضحوا فيها آراءهم، ومواقفهم الموحدة منها.
وفي ختام بيانهم، حيا العلماء المتظاهرين والمعتصمين في ساحات العز والشرف، وحثّوهم على الصبر والثبات والاستمرار، وبيّنوا أن ما يقومون به هو عمل مشروع، وهو من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الواجب على كل مسلم القيام به في مثل هذه الظروف، التي تسلب فيها الحقوق، وتنتهك فيها الحرمات والأعراض، وتهان فيها المقدسات، وقد دعوا في البيان المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي إلى أن ينصفوا العراق ويولّوه شيئًا من الاهتمام؛ لأن ما يجري فيه من انتهاكات لحقوق الإنسان لا تقل خطورة عما يجري في غيره من دول العالم من انتهاكات لهذه الحقوق إن لم تكن أكثر منها فظاعة وشناعة.
السؤال الخامس: بعد عشر سنوات من القتل والإرهاب، برأيكم العراق إلى أين؟
// الشيخ الضاري: أقول - وبكل حزن وأسف - إن العراق إذا لم يتداركه الله تعالى بلطفه، ويصلح الأوضاع فيه، وهو تعالى قادر على ذلك، فإنه ينحدر يومًا بعد يوم إلى الأسوأ، وإذا استمر الوضع فيه على هذا المنوال فإنه قد يسير إلى الهاوية.
السؤال السادس: ما هي الطريقة التي تراها مناسبة للخروج من الوضع المأساوي في العراق؟
//الشيخ الضاري: نرى أن الطريقة المناسبة للخروج من هذا الوضع المأساوي تكون في أحد أمرين:
إما الذهاب إلى حكومة انتقالية، تشكل من الكفاءات العراقية المستقلة، المشهود لها بالخبرة والإخلاص لمدة محددة؛ تدير فيها الأمور، وتعمل على إيجاد عملية سياسية حقيقية، وعلى وضع دستور عراقي يحقق مطالب العراقيين المشروعة بكل أطيافهم ومكوناتهم، بعيدًا عن التدخلات الخارجية والهيمنات الفئوية الداخلية، وتشرف على انتخابات برلمانية نزيهة بإشراف دولي محايد؛ تؤدي إلى تشكيل حكومة عراقية وطنية بعيدة عن المحاصصات الطائفية والعرقية.
أو اللجوء إلى خيار الشعب، وهو القيام بانتفاضة شعبية عامة من قبل أبناء الشعب العراقي كلهم؛ لتغيير الواقع المأساوي في البلاد، وتصحيح الأوضاع الشاذة فيه، وإعادته إلى وضعه الطبيعي المطلوب، كبلد حر مستقل ومستقر يحقق لأبنائه جميعًا الأمن والعدل والإنصاف والاستقرار مثل غيرهم من شعوب العالم.
وهذه هي رؤيتنا، التي نراها وكررناها مرارًا، وقلنا في أكثر من مناسبة: إنها الحل الناجع للأوضاع الحالية في العراق.
موقع (قاوم) + الهيئة نت
ح
في حوار مع موقع (قاوم)..الشيخ الضاري يؤكد ان السنة في العراق رقما صعبا لا يمكن تجاوزه