هيئة علماء المسلمين في العراق

بيان رقم (1423) المتعلق بتمرير حكومة الاحتلال الثامنة
بيان رقم (1423) المتعلق بتمرير حكومة الاحتلال الثامنة بيان رقم (1423)  المتعلق بتمرير حكومة الاحتلال الثامنة

بيان رقم (1423) المتعلق بتمرير حكومة الاحتلال الثامنة

أصدرت الأمانة العامة في هيئة علماء المسلمين في العراق بيانًا برقم (1423)، بشأن تمرير حكومة الاحتلال الثامنة، وفيما يلي نص البيان:


 


بيان رقم (1423)
المتعلق بتمرير حكومة الاحتلال الثامنة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
ففي سياق الفشل المستمر للعملية السياسية التي فرضها الاحتلال على العراق منذ (17) عامًا على الرغم من الدعم الدولي الكبير لحكوماته (المفسدة)، التي تسببت بكل ما آل إليه حال العراق وشعبه من: خراب وسفك لدماء أبنائه ونهبٍ منظمٍ لثرواته وخيراته وطاقاته؛ تستنسخ مرة أخرى التجربة المريرة عينها وتمرر حكومة (جديدة) من حيث الاسم (قديمة) من حيث المبنى والمعنى، وتخرج (حكومة الكاظمي) من رحم أحزاب السلطة لتكون (ثامن) حكومات الاحتلال في العراق؛ ولتؤكد بأدلة جديدة استمرار الهيمنة الأمريكية-الإيرانية في مصائر العراقيين بعيدًا عن مصالح الشعب الحقيقة.
فبعد مرور أشهر على إسقاط حكومة عادل عبد المهدي المتلبسة بجريمة قتل مئات المتظاهرين وجرح وإعاقة الآلاف منهم، واحتدام المشاحنات والاختلافات والاتفاقات بين أحزاب السلطة على تقاسم المناصب والمكاسب الحزبية؛ يتكرر مشهد (الإخراج الحكومي) فيتمخض عن حكومة (ناقصة) كسابقاتها، لن تستطيع -على فرض أنها تريد ذلك- إيجاد أي حلول للقضايا الكارثية التي تسبب بها النظام السياسي القائم الذي كان الغطاء الذي تسترت به أحزاب السلطة وميليشياتها لممارسة جرائمها بحق الشعب.
إن الموقف الطبيعي الرافض لهذه الحكومة التي تكمّل مسيرة (القتل المستمر) لآمال العراقيين وطموحاتهم؛ يكمن في الأمور الآتية:
- جاءت هذه الحكومة عقب مفاوضات بين زعماء السلطة السابقين، ولم تمرر إلا بعد إرضاء هذه الأحزاب وتقديم التنازلات لها بخلاف الوعود الأولية بعدم الخضوع لها، فهي حكومة ائتمرت عند ولادتها بهذه الأحزاب، وتكونت من مرشحيها وستسير وفق أوامرها ولن تخرج عن رضاها. وتشكيل الحكومة من أحزاب السلطة هو استهانة بدماء وأرواح (ثورة تشرين)، التي أسقطت حكومة (عادل عبد المهدي)، وتسعى لإسقاط النظام، وإقامة نظام سياسي جديد في عراق حر ومستقل، بعيدًا عن مزايدات بيع المناصب وتحقيق التوازنات الطائفية والعرقية.
- افتقارها إلى الشرعية وخضوعها للتأثير والتحكم الخارجي؛ لأنها مررت بعد اتفاق أمريكي إيراني على استمرار العملية السياسية، وفق رؤية تحقيق أهداف الدولتين وتأمين مصالحهما الخاصة على حساب العراق والعراقيين، وتحت ضغط التلويح بخطر (الإرهاب) وعودة تنظيم (داعش). وهي الورقة التي استعملها الطرفان الأمريكي والإيراني أصالة وأحزاب السلطة تبعًا، ووفرا من خلالها الأجواء المناسبة لتمرير هذه الحكومة، وسيستمرون في استعمالها عند كل مفصل زمني يحتاجونه، في مشهد يعاد إنتاجه ويؤذن بمخاطر كبيرة وفصل آخر من فصول سفك الدم العراقي.
- اتجاه الحكومة إلى مصير الفشل نفسه، في ظل هيمنة الميليشيات الموالية لإيران على القرار العراقي والتحكم بمفاصل مؤسسات الدولة وفرض سلطتها بالقوة على القرار العراقي وتحكمها بالأجهزة الأمنية والعسكرية، واستنزاف اقتصاد البلد لصالح إيران؛ حيث لا أمل من هذه الحكومة -كما يتوهم المتوهمون- في أن تضع مصلحة العراق أولًا، وتنفذ مطالب المتظاهرين السلميين بمحاسبة كل من أمر ونفذ الجرائم بحقهم. وهي كذلك لن تسعى لتصحيح أي مسار خاطئ، ولن تؤسس لأي بنية سياسية تنقذ البلاد؛ لأنها شكلت على وفق ضوابط ومحددات ومقتضيات النظام السياسي بعد الاحتلال، الذي لن يفرز إلا أخطاء وكوارث مستمرة.
- عدم اكتمالها ونقصها وخلوها من أكثر من (ربع) وزرائها، وهو نقص مرشح للاستمرار إلى أجل ليس قريبًا في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية شديدة الوطأة، وتركة تخبّط كبير في الصلاحيات والقرارات والفشل الإداري التام لحكومة (حكومة تصريف الأعمال).
إننا في هيئة علماء المسلمين؛ نؤكد على أن ما جرى من توافقات لتمرير هذه الحكومة الناقصة هي توافقات طارئة ولا قيمة لها، وسرعان ما ستظهر الخلافات على السطح، وما وعود (الكاظمي) إلا كوعود غيره ممن سبقه، وأَعذار الفشل وتبريراته المستخدمة من سابقيه؛ هي عينها التي سيستخدمها بعد حين.
وبغض النظر من تسارع المواقف الدولية والإقليمية المؤيدة لتشكيل الحكومة، والمواقف العربية الرسمية، التي تتناقض في كل شيء يخص العراق ولكنها تتفق على الترحيب السريع بإعلان (الحكومة) وتهنئة الكاظمي؛ غافلة عن بيان مخاوفها وتوقعاتها وتمنياتها وملاحظاتها، ولو من باب الإشارة!؛ فإننا نعلن مرة أخرى: أن المعول عليه بعد الله في الشأن العراقي؛ هم العراقيون أنفسهم وجهودهم لتغيير الأوضاع، وثوراتهم المستمرة لإثبات صحة مواقفهم وصلابة مبادئهم في وجه الانخراط الدولي والإقليمي في تبرير الاعتراف بواقع الاحتلال ونظامه السياسي في العراق وتمرير حكوماته الفاشلة.


الأمانة العامة
15/رمضان/1441هـ
8/5/2020م




أضف تعليق