هيئة علماء المسلمين توجه رسالة مفتوحة إلى الأطباء والعاملين في الجانب الصحي، مثمنة جهودهم الكبيرة في مواجهة الفيروس، وتدعو الناس إلى شكرهم وتقديم العون لهم في مواجهة الوباء المميت، وفيما يأتي نص الرسالة:
رسالة مفتوحة
من هيئة علماء المسلمين في العراق
إلى الأطباء والعاملين في المجال الصحي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
ففي ظل تفشي فيروس (كورونا المستجد) واجتياحه بلاد العالم كله، وإدخاله الرعب والخوف والهلع في قلوب الناس ونفوسهم جميعًا، متحديا غطرسة ما تسمى الدول العظمى وجبروتها، وتسببه بوفاة عشرات الآلاف، وإصابة أكثر من (3) ملايين من البشر حتى الآن، وإدخاله أكثر من مليار شخص حول العالم في الحجر الصحي تحسبًا من الإصابة بهذا الوباء الخطير؛ يقف الأطباء والعاملون في المجال الصحي في خطوط الدفاع الأولى لمواجهة هذا الوباء الخطير مضحين بأنفسهم وذويهم بوقوفهم مع المصابين بهذا الوباء ومعالجتهم، والسعي المستمر لاكتشاف علاج له يكون سببًا في شفاء المرضى وإنقاذ البشرية من هذا الوباء.
إن كفاح الأطباء المستمر منذ ظهور الوباء وبقاءهم في المستشفيات مع من يصارعون الوباء وخوفهم من العودة للأهل والأبناء خشية العدوى، وشعورهم بالعجز في مواجهة هذا الفيروس، وموت الكثير منهم، لم يثنهم عن الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في أداء واجبهم من دون البحث عن حقوقهم؛ وهو ما يُظهر الجانب الإنساني المشرق عند هذه الفئة التي حملت على عاتقها مسؤولية هذه المهنة الإنسانية حتى أصبحت الأمل المنشود للناس مع إمكاناتهم الضعيفة أمام هذا الوباء.
ولا يفوتنا أن نثمن جهود الأطباء المسلمين العظيمة في بلاد الغرب الذين كانوا طليعة المواجهين لهذا الوباء وفي مقدمة من ضحوا بأرواحهم في سبيل هذا الهدف. ونحن إذ ننعاهم بكل فخر واعتزاز وحزن فإننا نؤكد أن مواقفهم البطولية في مواجهة الفيروس لم تكن مستغربة؛ لأن دينهم وإيمانهم يدفعهم إلى الإخلاص في العمل الإنساني، والتحلي بالقيم التي فقدتها بعض المجتمعات الغربية في هذه الأزمة، وقد أظهرت جائحة كورونا حسن سريرتهم وتصديهم في مواجهة الوباء وعدم تخلفهم في علاج المرضي ورعايتهم، والتغلب على الخوف للحفاظ على الآخرين مرضاة لله تعالى. وستكون سيرتهم و(استشهادهم) نموذجًا إنسانيًا يحتذى به المسلمون وغيرهم.
ولا يفوتنا هنا أن نثني على أطبائنا والعاملين في القطاع الطبي في العراق، الذين يعمل كثير منهم بجد ويتصدون للفيروس المميت، في ظل ضعف الإمكانات وعدم مبالاة الحكومة والاستهانة بأرواح العراقيين.
وندعو من جانب شرعي وأخلاقي الناس جميعًا، وندعو أنفسنا إلى تقديم الشكر والعرفان إلى كل العاملين بالقطاع الصحي على ما يقدمونه من جهود في علاج الناس امتثالًا للقيم الإسلامية والتعاليم الربانية التي جاء بها الإسلام؛ بل وجعلها من الإحسان فقال تعالى: ((وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))، وجعل فعل الخير من الفلاح فقال تعالى: ((وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))؛ فما يقوم به الأطباء ومساعدوهم هو من أفضل أبواب الخير الواسعة التي يحث الإسلام على التحلي بها، قال صلى الله عليه وسلم: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة"، ونحث إخواننا العاملين في المجال الصحي ونذكرهم بعقد نياتهم على احتساب أجر ما يقومون به من أعمال؛ ليكونوا ممن أكرمهم الله بقضاء حوائج الناس وممن يفزع الناس إليهم لنجدتهم ويدخلون السرور عليهم، حتى يكونوا من الآمنين من عذاب الله تعالى يوم القيامة.
| الأمانة العامة 4/رمضان/1441ه 27/4/2020م |