هيئة علماء المسلمين في العراق

بيان رقم (1412) المتعلق بمقتل (قاسم سليماني) وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني وأعوانهم من ميليشيات الحشد في العراق
بيان رقم (1412) المتعلق بمقتل (قاسم سليماني) وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني وأعوانهم من ميليشيات الحشد في العراق بيان رقم (1412)  المتعلق بمقتل (قاسم سليماني) وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني  وأعوانهم من ميليشيات الحشد في العراق

بيان رقم (1412) المتعلق بمقتل (قاسم سليماني) وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني وأعوانهم من ميليشيات الحشد في العراق

أصدرت هيئة علماء المسلمين بيانا بشأن مقتل (قاسم سليماني) وعددا من قادة الحرس الثوري الإيراني وأعوانهم من ميليشيا الحشد، وفيما يأتي نص البيان:


 


بيان رقم (1412)


المتعلق بمقتل (قاسم سليماني) وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني


وأعوانهم من ميليشيات الحشد في العراق


 


 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:


فقد انتهى أحد فصول الصراع على النفوذ في المنطقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، بمقتل (قاسم سليماني) قائد ما يسمى (فيلق القدس) في (الحرس الثوري الإيراني)، الذي كان يعد العدة لجولة مواجهات بين إيران وأمريكا في (بغداد) لا في (القدس)، قادمًا من (دمشق) وليس من (طهران).


ونود في هيئة علماء المسلمين، بعد أن هدأت -نوعًا ما- وتيرة ردود الأفعال بشأن هذا الحدث المهم في نتائجه وآثاره ودلالاته؛ أن نبين الآتي:


1. إن حادثة الأمس جاءت في توقيت مهم وحساس يشهد تصاعد الصراع بين النفوذين الأمريكي والإيراني في العراق على خلفية ثورة الشباب في العراق، التي وفرت الظروف المناسبة لتأجيج صراع المصالح بين الطرفين، ووجد فيها الطرف الأمريكي فرصة مناسبة للحد من نفوذ شريكه في (التحالف الدولي ضد الإرهاب) في العراق وتقليله ما أمكن؛ لتحسين وضعه وتدارك تراجع نفوذه لصالح هذا الشريك الغريم في الوقت عينه، ولا سيما في الجانب السياسي الذي يشهد هيمنة أدوات إيران على مثلث الحكم في بغداد (الرئاسة ورئاسة الوزراء ومجلس النواب).


 2. تشير المعطيات المعلنة أن اتخاذ قرار عملية يوم أمس متعلق بشخص الرئيس الأمريكي ومتطلبات بقائه في الحكم، لا وفق قرار استراتيجي للإدارة الأمريكية، التي لا تريد لسنوات طويلة من التعاون مع إيران، والسماح لها بالتمدد وتحقيق نظريتها في (ملء الفراغ) على أرض الواقع؛ أن تذهب سدى. ويفسر هذه الاعتراضات الداخلية في أمريكا على هذا العملية التي يرى المعترضون أنها ستعرض مصالح أمريكا وجنودها للخطر، بعيدًا عن التفكير بمصالح العراقيين وغيرهم، ودون اكتراث كبير بمصالح (حلفائها) في المنطقة.


3. إن الناظم لعلاقة التنافس الأمريكي الإيراني في المنطقة عامة والعراق خاصة؛ هو الاتفاقية الأمنية (اتفاقية الإذعان) التي رسخت سلب سيادة العراق واستقلاله وجعلته ساحة لصراع مازال أهل العراق يدفعون ثمنه، وفتحت الباب لكل أشكال التخادم الإيراني الأمريكي، ولاسيما في مرحلة ما يسمى (التحالف ضد الإرهاب) قبل سنوات، التي شهدت صناعة ميليشيات (الحشد الشعبي) الإرهابية، والتمكين وفسح المجال لها لاستباحة المدن العراقية ومن ثم السورية، ومشاركتها القوات الأمريكية وغيرها في قتل عشرات الألوف وتهجير الملايين، بحماية الطائرات الأمريكية التي كانت تمهد لها ولغيرها الطرق والسبل لارتكاب جرائمها. 


4. لا يعفي مقتل القاتل (قاسم سليماني) ومن معه من القتلة الإيرانيين والعراقيين من أعوان وأذرع الاحتلال الإيراني في العراق على يد المحتل الأمريكي؛ (الولايات المتحدة الأمريكية) من مسؤولية الدماء التي أريقت في العراق وغيره على يد هؤلاء المقتولين ولاسيما في سوريا واليمن، فقتلهم جاء في سياق حسابات أمريكية خاصة لا علاقة لها بمصالح العراقيين وغيرهم من العرب المكتوين بنار ما يسمى (فيلق القدس).


5. سبق مقتل (سليماني) مقتل كثير من (أعداء) إيران على يد الولايات المتحدة نفسها، التي قدمت خدمات كبيرة لمخططات (سليماني) في المنطقة العربية، وأزاحت من أمامه عقبات كثيرة، وسمحت له وغيره التجول بخيلاء فوق أنقاض حمص وحلب ودير الزور والقصير والفلوجة وتكريت وبيجي والموصل.. وغيرها، وفتحت لإيران آفاقًا واسعة لاختراق المنطقة والتأثير على توازناتها وتهديد أمنها الداخلي والخارجي.


6. إن ردة الفعل العاطفية الكبيرة والفرحة العارمة لما جرى بالأمس في أوساط الأمة؛ تبعث على الاطمئنان بمستقبلها والثقة بوعي أبنائها الذين يحسون بآلام بعضهم بعضًا، ويعون تمامًا المخاطر التي تكتنفهم وتوحد مواقفهم، والجهات التي تستهدفهم ولا تفرق بين دمائهم في العراق وسوريا وفلسطين واليمن ولبنان وغيرها من الأصقاع التي طالتها مخالب الشر الإيراني.


7. ينبغي أن لا يذهب فرح الناس باتجاه (أمريكا) ورئيسها، فهما شريكان أساسيان في الجرائم بحق الأبرياء، فهما غير مشكورين، وغير مناسب أبدًا مدحهما والثناء عليهما، فضلًا عن تعليق الآمال عليهما؛ فليس مستبعدًا ولا مستغربًا توقع أن يكون مقتل (سليماني) بابًا لتسويات سياسية وصفقات جديدة بين الطرفين الأمريكي والإيراني في المنطقة.


8. مما يشار إليه بالثناء هنا المواقف السياسية الحكيمة والشرعية المنضبطة لعدد من نخب الأمة، الذين وضعوا النقاط على الحروف فيما يتعلق بهذا الأمر، وأبانوا عن مواقف شجاعة وصادقة في بيان جرائم إيران في العراق وتهديدها المستمر والخطير للأمة وشعوبها، على الرغم من الحملات التشويهية والمغرضة التي طالتهم من هنا وهناك، وانتقصت من مواقفهم وشككت بها، وحاولت ربطها بأمور أخرى، ممن لا يفهمون طبائع الأمور وحقيقة المواقف، أو ممن يزايدون على الحق والصدق لصالح مواقف جزئية متأثرة بأوضاع خاصة، أو دفاعًا عن إيران بذريعة المقاومة والممانعة.


9. ينبغي إخراج حالة الشعور العام للأمة من ثنائية (مع وضد) التي يراد لها أن تحكم مشاعرنا ومواقفنا وواقعنا، ففرح المؤمن مجرد خالص، ولا يمكن ربطه بفرح هذه الجهة أو تلك، وهو أمر مؤصل شرعًا ومفهوم عقلًا، ولا يمكن التشويش عليه والنيل منه بذريعة استفادة طرف ما من حادثة الأمس -الكيان الصهيوني مثلا-؛ فهذا شيء وهذا شيء آخر، وهي محاولة مكشوفة للتأثير على شعور الأمة من أطراف (نخبوية) للأسف، إما قصورًا في وجهة نظرها أو إمساكًا للعصا من الوسط مراعاة لقراءات خاطئة أو موازنات متوهمة.


10. يؤسفنا أن تكرر بعض الجهات التي لا يُشك في خلوص نياتها، على تكرار خيار تغليب البعد السياسي في خطاباتها على الأبعاد الأخرى في لحظات مفصلية مهمة من تأريخ الأمة والمنطقة، واستعمال عبارات المديح للقتلة، التي تستفز المحبين وتبعث في نفوسهم القنوط، في مقابل فسح المجال للمتصيدين في الماء العكر للتشكيك والطعن في النيات والجهود، وإنشاب معارك جانبية كنا في غنًى عنها.


11. كشفت حادثة الأمس عن ورطة (الملحقين) بالعملية السياسية من (السنة) الذين توزعوا طرفي الصراع مدحًا لهذا أو ذمًا لذاك، ولاسيما من انحاز منهم لخيار (الولي الفقيه) في العراق وسار في ركابه؛ فأصبح بين سندان إيران ومطرقتها، بعد أن كان ينتقد (المقاومة العراقية) ويدعوها لقتال إيران بدلًا من قتال أمريكا؛ لأنها الأخطر الأكبر، في مقابل أمريكا التي سترحل عاجلًا أو آجلًا؟!.


إننا في هيئة علماء المسلمين في العراق؛ نؤمن بأن أقدار الله نافذة وحكمته بالغة، وكشفه للمجرمين واقتصاصه منهم عجيب في بابه ونادر في سياقه، ومحكم في قضائه؛ فعلى العراقيين جميعًا أن لا يسمحوا بأن يكون العراق ساحة لهذا الصراع، وأن لا يكونوا أدوات له بيد هذا الطرف أو ذاك؛ لأن صراع أمريكا وإيران مؤقت وجزئي، وصراعنا معهما مستمر وكلي، فلا خلاص لنا إلا بجمع كلمتنا ورص صفنا والتعويل على الله، ودعم ثورة شبابنا حتى يتحرر العراق من الاحتلالين.


 









الأمانة العامة


9/جمادى الأولى/1441هـ


         4/1/2020م



 










 



 


 



 


 
 
 

أضف تعليق