هيئة علماء المسلمين في العراق

رسالة مفتوحة في الذكرى التاسعة والتسعين لثورة العشرين
رسالة مفتوحة في الذكرى التاسعة والتسعين لثورة العشرين رسالة مفتوحة في الذكرى التاسعة والتسعين لثورة العشرين

رسالة مفتوحة في الذكرى التاسعة والتسعين لثورة العشرين

وجّهت الأمانة العامة في هيئة علماء المسلمين، رسالة مفتوحة للشعب العراقي بمناسبة الذكرى التاسعة والتسعين لثورة العشرين، وفيما يأتي نص الرسالة:


 


رسالة مفتوحة في الذكرى التاسعة والتسعين لثورة العشرين



 



بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:


 


فنستعيد اليوم عبق ثورة العشرين المجيدة في ذكراها التاسعة والتسعين، التي تبعث فينا في كل عام آمال الخلاص، وتشيع في قلوبنا مشاعر الاعتزاز والقيم الرفيعة في زمن قلت فيه هذه المعاني، واستولت على الكثير معانٍ مضادة لكل ما هو نبيل وشريف وسامٍ من القيم، التي ينبغي أن تتصف بها الشعوب الحية، والعراق منها في ظل الظروف التي يعيشها منذ (16) عامًا.



 



وها هو واقع العراق العام والسياسي منه خاصة، يثبت بما لا يدع مجالًا للشك بوجود حاجة ماسة لتحفيز الذاكرة والهمم وبعث الآمال، والسعي الجاد والعمل المتواصل من أجل إنقاذ العراقيين من أوضاعهم المأساوية، وأمنهم المفقود، وثرواتهم المسلوبة، ولاسيما في العام الماضي، الذي زادت فيه معاناة العراقيين من نقص في الأنفس والأموال والثمرات: قتلاً وفسادًا وسرقة وإغراقًا وإحراقًا، في نتيجة متوقعة لمقدمات الهوان والتخاذل والانسياق من الطبقة السياسية التي تمسك بخناقه وتتحكم بأموره وتتصرف بشؤونه رغمًا عن مواطنيه بحسب أهوائهم وإملاءات رعاتهم وداعميهم.



 



وإذا ما أردنا أن نتلمس علامات الشبه ووجوه الافتراق بين واقع العراقيين بعد ثورة العشرين وواقعهم الحالي فسنكتشف أمورًا مهمة، منها:



 



1) الشبه الواضح من حيث النهايات بين ثورة العشرين وثورة العراقيين ضد الاحتلال الأمريكي، واتهام قادتها ورموزها والفاعلين فيهما بالتمرد والإرهاب، وتحريف تاريخيهما عند بعض المعاصرين؛ فواقع الاحتلال المركب للعراق الذي يعيشه الآن هو نتاج التفريط بمعطيات المقاومة والثورة العراقية الحقيقة على الاحتلال ومشاريعه العسكرية والسياسية، التي تعمل أطراف كثيرة على توطينها وتمكينها وتعزيزها في سياق تنكر واضح ومتعمد للأثر المشرّف للمقاومة العراقية التي يحاول بعضهم ادعاء شرفها زورًا وبهتانًا، وواقعهم يشهد بوقوفهم ضدها وعملهم على التصدي لها وتعاونهم مع الاحتلال في التنكيل بها ووصفها بكل أوصاف الخبث والكره والحقد وإلباسها لباس الإرهاب الذي يمارسه هؤلاء منذ ساعة الاحتلال وحتى اللحظة.



 



2) وضوح الرؤية عند الثوار ومعرفة عدوهم والتركيز على أهدافهم، وهو ما يعانيه الكثير اليوم من تشتت واضح في الرؤى وانخداع بدعواتٍ من هنا وهناك وتصديقٍ لأحابيل الـمتصارعين من حولنا، والتعويــل علـيهــم دون الله، وبعيدًا عن واقع الصراع وطبيعة الحرب المعلنة من المتصارعين علينا جميعًا: أرضًا وشعبًا وعقيدة وحاضرًا ومستقبلاً.



 



3) إن معيار انتصار الثورات ليس في وصولها إلى سدة الحكم؛ وإنما بثباتها على منهجها وعدم التفريط بمبادئها وأهدافها التي قامت من أجلها.



 



ولابد لنا هنا من التنبيه على أن العوامل التي أنتجت ثورة العشرين والمقدمات التي مهدت لها، ومكنت لانطلاقها؛ تحمل دلالات كثيرة نحن العراقيين بأمس الحاجة إليها في زماننا اليوم، ومن أبرزها:



 



1) شيوع فكر الانعتاق والخلاص من الظلم وسعي مختلف فئات المجتمع للتحرير.



 



2) التعاون المثمر بين القوى الوطنية والفعاليات الشعبية؛ لإنجاز مشروع التحرير.



 



3) قيام المراجع الدينية والواجهات المجتمعية ولاسيما القبائل والعشائر بواجبها الشرعي والأخلاقي والوطني تجاه العراق، وانسجامها مع طموحات الشعب وآماله.


 


إن روح المقاومة ومعاني الفداء وقيم التضحية؛ مازالت موجودة في قلوب المخلصين الذين يسعون لتحقيق أهداف أبناء بلادهم وتعزيز فرص نجاتهم، أمام مشاريع الشر وخطط الباطل ومؤامرات الأعداء في الداخل والخارج وفي الجوار وعن بعد، ولا أفضل من ثورة العشرين محفزة لنا في هذا المجال، ولاسيما وهي تطرق أبواب الذكرى المائة لها في هذا العام.



 



وبهذه المناسبة فإننا ندعو أهلنا في العراق جميعًا، وقواه الخيرة والمخلصة إلى (قول) الوحدة و(فعل) الاجتماع وروح المبادرة؛ لانتزاع حقوقهم والانتفاضة على مغتصبي فرصهم في العيش الكريم لإنقاذ أنفسهم وبلدهم من واقعهم الذي لا يشابهه واقع آخر في المنطقة.



 



حفظ الله العراق والعراقيين من الشرور، وبصرهم بما يعانونه، ومكن لهم في الخلاص منه، وهداهم الرشد والتعاون والتآزر، وأبعد عنهم عناصر الشر وأسس الخراب وعوامل التخاذل والتواكل، إنه ولي ذلك والقادر عليه.



 



الأمانة العامة



27/شوال/1440هـ



30/6/2019م

 





أضف تعليق